فصل: (99) بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغْبَةً عَنْهَا وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى تَارِكُ السُّنَّةِ عَاصِيًا إِذَا تَرَكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا لَا بِتَرْكِهَا، إِذِ التَّرْكُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ، وَفِعْلُهَا فَضِيلَةٌ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صحيح ابن خزيمة المسمى بـ «المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم» ***


جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ فِي الصِّيَامِ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَتِهَا

‏(‏81‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ لِلصَّائِمِ

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْوَاحِدِ قَدْ يَقَعُ عَلَى فِعْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ، وَالْآخَرُ مَحْظُورٌ، إِذِ اسْمُ الْمُبَاشَرَةِ قَدْ أَوْقَعَهُ اللَّهُ فِي نَصِّ كِتَابِهِ عَلَى الْجِمَاعِ، وَدَلَّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الصَّوْمِ مَحْظُورٌ، قَالَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الْجِمَاعَ يُفْطِرُ الصَّائِمَ ‏"‏، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَلَّ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ مُبَاحَةٌ فِي الصَّوْمِ غَيْرَ مَكْرُوهَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ- يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ-، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ‏:‏ انْطَلَقْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ نَسْأَلُهَا عَنِ الْمُبَاشَرَةِ، فَاسْتَحْيَيْنَا قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ جِئْنَا نَسْأَلُ حَاجَةً فَاسْتَحْيَيْنَا، فَقَالَتْ‏:‏ مَا هِيَ‏؟‏ سَلَا عَمَّا بَدَا لَكُمَا قَالَ‏:‏ قُلْنَا‏:‏ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ مِنْكُمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ إِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ أَوْسَعِ اللُّغَاتِ كُلِّهَا، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِعِلْمِ جَمِيعِهَا أَحَدٌ غَيْرُ نَبِيٍّ، وَالْعَرَبُ فِي لُغَاتِهَا تُوقِعُ اسْمَ الْوَاحِدِ عَلَى شَيْئَيْنِ، وَعَلَى أَشْيَاءَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، وَقَدْ يُسَمَّى الشَّيْءُ الْوَاحِدُ بِأَسْمَاءَ، وَقَدْ يَزْجُرُ اللَّهُ عَنِ الشَّيْءِ، وَيُبِيحُ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ الشَّيْءِ الْمَزْجُورِ عَنْهُ، وَوَقَعَ اسْمُ الْوَاحِدِ عَلَى الشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا‏:‏ عَلَى الْمُبَاحِ، وَعَلَى الْمَحْظُورِ، وَكَذَلِكَ قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ الْمَزْجُورَ عَنْهُ، وَوَقَعَ اسْمُ الْوَاحِدِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَيَكُونُ اسْمُ الْوَاحِدِ وَاقِعًا عَلَى الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ، أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ، وَالْآخَرُ مَحْظُورٌ، وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ، فَلَمْ يَفْهَمْ هَذَا مَنْ سَفِهَ لِسَانَ الْعَرَبِ، وَحَمَلَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ يُوهِمُ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُتَضَادَّانِ إِذْ أُبِيحَ فِعْلٌ مُسَمًّى بِاسْمٍ، وَحُظِرَ فِعْلٌ تَسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ سَوَاءً‏.‏ فَمَنْ كَانَ هَذَا مَبْلَغُهُ مِنَ الْعِلْمِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَعَاطِي الْفِقْهِ، وَلَا الْفُتْيَا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ، أَوِ السَّكْتُ، إِلَى أَنْ يُدْرِكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ الْفُتْيَا، وَتَعَاطِي الْعِلْمِ، وَمَنْ فَهِمَ هَذِهِ الصَّنَاعَةَ عَلِمَ أَنَّ مَا أُبِيحَ غَيْرُ مَا حُظِرَ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْوَاحِدِ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْمُبَاحِ وَعَلَى الْمَحْظُورِ جَمِيعًا، فَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- دَلَّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ غَيْرُ جَائِزٍ بِقَوْلِهِ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى-‏:‏ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 187‏]‏ فَأَبَاحَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ بِاللَّيْلِ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ إِلَى اللَّيْلِ، عَلَى أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمُبَاحَةَ بِاللَّيْلِ الْمَقْرُونَةَ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ هِيَ الْجِمَاعُ الْمُفَطِّرُ لِلصَّائِمِ، وَأَبَاحَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بِفِعْلِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَاشَرَةَ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ فِي الصِّيَامِ، إِذْ كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَالْمُبَاشَرَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا تُفَطِّرُ الصَّائِمَ هِيَ غَيْرُ الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُهَا فِي صِيَامِهِ‏.‏

وَالْمُبَاشَرَةُ اسْمٌ وَاحِدٌ وَاقِعٌ عَلَى فِعْلَيْنِ‏:‏ إِحْدَاهُمَا مُبَاحَةٌ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ، وَالْأُخْرَى‏:‏ مَحْظُورَةٌ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ، مُفَطِّرَةٌ لِلصَّائِمِ‏.‏

وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ قَوْلُهُ- عَزَّ وَجَلَّ-‏:‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ‏[‏الْجُمُعَةِ‏:‏ 9‏]‏ فَأَمَرَ رَبُّنَا- جَلَّ وَعَلَا- بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، ايتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ ‏"‏ فَاسْمُ السَّعْيِ يَقَعُ عَلَى الْهَرْوَلَةِ، وَشِدَّةِ الْمَشْيِ، وَالْمُضِيِّ إِلَى الْمَوْضِعِ، فَالسَّعْيُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُسْعَى إِلَى الْجُمُعَةِ، هُوَ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا، وَالسَّعْيُ الَّذِي زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ إِتْيَانَ الصَّلَاةِ هُوَ الْهَرْوَلَةُ وَسُرْعَةُ الْمَشْيِ، فَاسْمُ السَّعْيِ وَاقِعٌ عَلَى فِعْلَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا مَأْمُورٌ، وَالْآخَرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَسَأُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْجِنْسَ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ إِنْ وَفَّقَ اللَّهُ لِذَلِكَ‏.‏

‏(‏82‏)‏ بَابُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبْلَةَ الصَّائِمِ بِالْمَضْمَضَةِ مِنْهُ بِالْمَاءِ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ- وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ- عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ هَشَشْتُ يَوْمًا، فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ‏:‏ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّبِيعُ‏:‏ أَظُنُّهُ قَالَ-‏:‏ ‏"‏ فَفِيمَ‏؟‏

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ يَقُولُ‏:‏ جَاءَنِي هِلَالٌ الرَّازِيُّ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ‏.‏

‏(‏83‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ‏:‏ أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَائِشَةَ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ‏؟‏ ‏"‏ فَسَكَتَ عَنِّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏84‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ رُءُوسَ النِّسَاءِ وَوُجُوهَهُنَّ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلُّ صَائِمًا، لَا يُبَالِي مَا قَبَّلَ مِنْ وَجْهِي حَتَّى يُفْطِرَ ‏"‏ وَقَالَ يُوسُفُ‏:‏ ‏"‏ فَقَبَّلَ مَا شَاءَ مِنْ وَجْهِي

وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ‏:‏ ‏"‏ فَقَبَّلَ أَيَّ مَكَانٍ شَاءَ مِنْ وَجْهِي

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصِيبُ مِنَ الرُّءُوسِ وَهُوَ صَائِمٌ‏.‏

‏(‏85‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي مَصِّ الصَّائِمِ لِسَانَ الْمَرْأَةِ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ كَرِهَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ عَلَى الْفَمِ إِنْ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِمِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى، فَإِنِّي لَا أَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ،‏:‏ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَمُصُّ لِسَانَهَا‏.‏

‏(‏86‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ الْمَرْأَةَ الصَّائِمَةَ

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ أَهْوَى إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَبِّلَنِي، فَقُلْتُ‏:‏ إِنِّي صَائِمَةٌ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَأَنَا صَائِمٌ ‏"‏ فَقَبَّلَنِي‏.‏

قَالَ بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ‏:‏ عَنْ طَلْحَةَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ‏.‏

‏(‏87‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ مُبَاحَةٌ لِجَمِيعِ الصُّوَّامِ، وَلَمْ تَكُنْ خَاصَّةً لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ حُمَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ‏.‏

‏(‏88‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ إِخْبَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ‏"‏، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مُفْطِرًا دُونَ صَائِمٍ، فَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَضِيلَةٌ كَهُوَ لِلْمُفْطِرِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَدْ رَوَى عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا أُحْصِي يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ- يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ ‏,‏ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ‏(‏ح‏)‏، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ وَأَبُو مُوسَى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى‏.‏ قَالَ بُنْدَارٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ وَقَالَ أَبُو مُوسَى‏:‏ عَنْ سُفْيَانَ ‏(‏ح‏)‏، وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏(‏ح‏)‏، وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ‏,‏ عَنْ سُفْيَانَ ‏,‏ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ‏:‏ فِي حَدِيثِ يَحْيَى‏:‏ وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ مَا لَا أُحْصِي ‏,‏ أَوْ مَا لَا أَعُدُّهُ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ عُهْدَةِ عَاصِمٍ ‏,‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ‏:‏ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ عَلَيْهِ قِيَاسٌ‏"‏‏.‏

وَسَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ حَجَّاجٍ يَقُولُ‏:‏ سَأَلْنَا يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ‏,‏ فَقُلْنَا‏:‏ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَسْتُ أُحِبُّ وَاحِدًا مِنْهُمَا‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ كُنْتُ لَا أُخَرِّجُ حَدِيثَ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْتُ ‏,‏ فَإِذَا شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ قَدْ رَوَيَا عَنْهُ ‏,‏ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ‏,‏ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ- وَهُمَا إِمَامَا أَهْلِ زَمَانِهِمَا- قَدْ رَوَيَا عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ ‏,‏ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ خَبَرًا فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ‏.‏

‏(‏89‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اكْتِحَالِ الصَّائِمِ ‏"‏ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحِّ الْخَبَرُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، فَالْقُرْآنُ دَالٌّ عَلَى إِبَاحَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-‏:‏ ‏[‏فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ الْآيَةَ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 187‏]‏

دَالٌّ عَلَى إِبَاحَةِ الْكُحْلِ لِلصَّائِمِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ ‏,‏ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَنَزَلْتُ مَعَهُ ‏,‏ فَدَعَانِي بِكُحْلِ إِثْمِدٍ ‏,‏ فَاكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ- إِثْمِدَ غَيْرَ مُمَسَّكٍ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ أَنَا أَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ هَذَا الْإِسْنَادِ لِمَعْمَرٍ‏.‏

‏(‏90‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ تَرْكِ الْجُنُبِ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ إِذَا كَانَ مُرِيدًا لِلصَّوْمِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُمَيٌّ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ سُمَيٍّ ‏,‏ وَحَدَّثَنِي، سُمَيٌّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فَذَهَبْتُ مَعَ أَبِي ‏,‏ فَسَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَيَصُومُ

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سُمَيٌّ، سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِمِثْلِهِ‏.‏ قَالَ أَبُو عَمَّارٍ فِي كُلِّهَا‏:‏ عَنْ‏.‏

‏(‏91‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ فِي الزَّجْرِ عَنِ الصَّوْمِ إِذَا أَدْرَكَ الْجُنُبَ الصُّبْحُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ ‏"‏ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، فَأَنْكَرَ الْخَبَرَ، وَتَوَهَّمَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَعَ جَلَالَتِهِ وَمَكَانِهِ مِنَ الْعِلْمِ غَلِطَ فِي رِوَايَتِهِ، وَالْخَبَرُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ إِلَّا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ غَلِطَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْخَبَرِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، بَلَغَ مَرْوَانَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى ‏,‏ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ‏,‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ‏,‏ وَعَائِشَةَ ‏,‏ وَكِلَاهُمَا قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصْبِحُ جُنُبًا ثُمَّ يَصُومُ ‏"‏ فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ ‏,‏ وَأَبُوهُ حَتَّى أَتَيَا مَرْوَانَ ‏,‏ فَحَدَّثَاهُ فَقَالَ‏:‏ عَزَمْتُ عَلَيْكُمَا لَمَا انْطَلَقْتُمَا إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ فَحَدِّثَاهُ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَهُمَا قَالَتَا لَكُمَا‏؟‏ قَالَا‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ هُمَا أَعْلَمُ إِنَّمَا أَنْبَأَنِيهِ الْفَضْلُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحَالَ الْخَبَرَ عَلَى مَلِيءٍ صَادِقٍ بَارٍّ فِي خَبَرِهِ ‏,‏ إِلَّا أَنَّ الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ ‏,‏ لَا أَنَّهُ وَهْمٌ لَا غَلِطَ ‏,‏ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عِنْدَ ابْتِدَاءِ فَرْضِ الصَّوْمِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَظَرَ عَلَيْهِمُ لَا الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيْلِ الصَّوْمِ بَعْدَ النَّوْمِ ‏,‏ كَذَلِكَ الْجِمَاعَ ‏,‏ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ مَنْ أَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا يَصُمْ ‏,‏ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يُبِيحَ اللَّهُ الْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ‏,‏ فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَصْبَحَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ ‏,‏ إِذِ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا أَبَاحَ الْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ كَانَ الْعِلْمُ مُحِيطًا بِأَنَّ الْمُجَامِعَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَطْرُقُهُ فَاعِلًا مَا قَدْ أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ فِي نَصِّ تَنْزِيلِهِ‏.‏ وَلَا سَبِيلَ لِمَنْ هَذَا فِعْلُهُ إِلَى الِاغْتِسَالِ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ إِذَا أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّوْمُ كَانَ الْجِمَاعُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِأَقَلَّ وَقْتٍ يُمْكِنُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ مَحْظُورًا غَيْرَ مُبَاحٍ‏.‏

وَفِي إِبَاحَةِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- الْجِمَاعَ فِي جِمَاعِ اللَّيْلِ بَعْدَمَا كَانَ مَحْظُورًا بَعْدَ النَّوْمِ بَانَ وَثَبَتَ أَنَّ الْجَنَابَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِجِمَاعٍ فِي اللَّيْلِ مُبَاحٌ لَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ‏.‏ فَخَبَرُ عَائِشَةَ وَأَمِّ سَلَمَةَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا كَانَ يُدْرِكُهُ الصُّبْحُ جُنُبًا نَاسِخٌ لِخَبَرِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نُزُولِ إِبَاحَةِ الْجِمَاعِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ‏,‏ فَاسْمَعِ الْآنَ خَبَرًا عَنْ كَاتِبِ الْوَحْيِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُ خَبَرَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ- يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ- قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ ثَوْبَانَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ لَمْ يَغْتَسِلْ، أَفْطَرَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ‏؟‏ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْنَا الصِّيَامَ ‏,‏ كَمَا كَتَبَ عَلَيْنَا الصَّلَاةَ ‏,‏ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَائِمٌ كَانَ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِزَيْدٍ‏:‏ فَيَصُومُ ‏,‏ وَيَصُومُ يَوْمًا آخَرَ‏؟‏ فَقَالَ زَيْدٌ‏:‏ يَوْمَيْنِ بِيَوْمٍ‏؟‏‏.‏

‏(‏92‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جَنَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَخَّرَ الْغُسْلَ بَعْدَهَا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَصَامَ، كَانَ مِنْ جِمَاعٍ لَا مِنِ احْتِلَامٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمَّهِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنَ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ‏,‏ ثُمَّ يَظَلُّ صَائِمًا‏.‏

‏(‏93‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَاغْتَسَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ‏"‏ وَالزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُقَالَ‏:‏ كَانَ هَذَا خَاصًّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يَجُزْ أَنَّهُ خَاصٌّ لَهُ، فَعَلَى

النَّاسِ التَّأَسِّي بِهِ وَاتِّبَاعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ أَنَّ أَبَا يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ ‏,‏ أَخْبَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ‏:‏ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ أَفَأَصُومُ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ ‏"‏ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ وَاللَّهِ ‏"‏- يَعْنِي-‏:‏ ‏"‏ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ‏,‏ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الرَّجَاءُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَقُولُ‏:‏ إِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ فِيمَا لَا يَشُكُّ فِيهِ وَلَا يَمْتَرِي‏:‏ وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا ‏,‏ إِذْ لَا شَكَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسْتَيْقِنًا غَيْرَ شَاكٍّ ‏,‏ وَلَا مُرْتَابٍ أَنْ كَانَ أَخْشَى الْقَوْمِ لِلَّهِ وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا يَتَّقِي ‏,‏ وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ‏:‏ أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَرْجُو ‏,‏ وَلَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُنَاكَحَاتِ ‏,‏ وَالْمُبَايَعَاتِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ ‏,‏ وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ‏,‏ فَاسْمَعِ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي لَأَرْجُو ‏"‏ مَا أَعْلَمْتُ أَنَّهُ‏:‏ قَدْ أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَنَّهُ أَشَدُّهُمْ خَشْيَةً

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ‏,‏ فَرَغِبَ عَنْهُ رِجَالٌ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا بَالُ رِجَالٍ آمُرُهُمْ بِالْأَمْرِ يَرْغَبُونَ عَنْهُ‏؟‏ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ ‏,‏ وَأَشَدُّهُمْ خَشْيَةً‏.‏

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ عِنْدَ الْمُسَافِرِ

‏(‏94‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

بِلَفْظَةٍ مُخْتَصَرَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي قَالَ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يَفْهَمِ السَّبَبَ أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ غَيْرُ جَائِزٍ حَتَّى أَمَرَ بَعْضُهُمُ الصَّائِمَ فِي السَّفَرِ بِإِعَادَةِ الصَّوْمِ بَعْدُ فِي الْحَضَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ لَمْ يَنْسِبِ الْحَسَنُ كَعْبًا ‏,‏ وَلَمْ يَقُلِ الْمَخْزُومِيَّ الْأَشْعَرِيَّ‏.‏ خَرَّجْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏95‏)‏ بَابُ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ ‏,‏ وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ ‏,‏ فَقَالُوا‏:‏ هَذَا رَجُلٌ صَائِمٌ ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِذِ الصَّائِمُ الْمُسَافِرُ غَيْرُ قَابِلٍ يُسْرَ اللَّهِ حَتَّى اشْتَدَّ بِهِ الصَّوْمُ ‏,‏ وَاحْتِيجَ إِلَى أَنْ يُظَلَّ

وَفِي خَبَرِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ‏,‏ عَنْ جَابِرٍ‏:‏ فَغُشِيَ عَلَيْهِ ‏,‏ فَجَعَلَ يَنْضَحُ الْمَاءَ، أَيْ‏:‏ عَلَيْهِ‏.‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

إِنَّمَا قَالَ‏:‏ لَيْسَ الْبِرُّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ‏:‏ أَيْ‏:‏ لَيْسَ الْبِرُّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ حَتَّى يُغْشَى عَلَى الصَّائِمِ ‏,‏ وَيُحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُظَلَّلَ وَيُنْضَحَ عَلَيْهِ ‏,‏ إِذِ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ ‏,‏ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يَصُومَ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ ‏,‏ وَأَعْلَمَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمُ الْيُسْرَ لَا الْعُسْرَ فِي ذَلِكَ ‏,‏ فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ يُسْرَ اللَّهِ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُ‏:‏ لَيْسَ أَخْذُكَ بِالْعُسْرِ فَيَشْتَدُّ الْعُسْرُ عَلَيْكَ مِنَ الْبِرِّ‏.‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْخَبَرِ‏:‏ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ‏:‏ أَيْ‏:‏ لَيْسَ كُلُّ الْبِرِّ هَذَا ‏,‏ قَدْ يَكُونُ الْبِرُّ أَيْضًا أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ ‏,‏ وَقَبُولُ رُخْصَةِ اللَّهِ وَالْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ‏.‏

وَسَأُدَلِّلُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِخَبَرِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ بُنْدَارٌ ‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ ‏,‏ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ‏.‏

‏(‏96‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَسْمِيَةِ الصُّوَّمِ فِي السَّفَرِ عُصَاةً ‏"‏ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي أَسْمَاهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ غَيْرُ جَائِزٍ لِهَذَا الْخَبَرِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ وَصَامَ النَّاسُ ‏,‏ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ‏,‏ ثُمَّ شَرِبَهُ ‏,‏ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ‏:‏ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ‏,‏ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ

حَدَّثَنَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ‏,‏ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ‏.‏

‏(‏97‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَمَّاهُمْ عُصَاةً إِذْ أَمَرَهُمْ بِالْإِفْطَارِ وَصَامُوا ‏"‏ وَمَنْ أُمِرَ بِفِعْلٍ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُبَاحًا فَرْضًا وَاجِبًا فَتَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْمُبَاحِ جَازَ أَنْ يُسَمَّى عَاصِيًا

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ ‏,‏ فَاشْتَدَّ الصَّوْمُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ‏,‏ فَجَعَلَتْ رَاحِلَتُهُ تَهِيمُ بِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ‏,‏ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفْطِرَ ‏,‏ ثُمَّ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ ‏,‏ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ ‏,‏ ثُمَّ شَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ فَرَغِبَ عَنْهُ رِجَالٌ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا بَالُ رِجَالٍ آمُرُهُمْ بِالْأَمْرِ يَرْغَبُونَ عَنْهُ‏؟‏ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ ‏,‏ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى نَهَرٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ ‏,‏ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ أَيْضًا‏.‏ قَالَ فِي الْخَبَرِ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ ‏,‏ إِنِّي رَاكِبٌ ‏,‏ وَأَنْتُمْ مُشَاةٌ ‏,‏ إِنِّي أَيْسَرُكُمْ

فَهَذَا الْخَبَرُ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي الِابْتِدَاءِ ‏,‏ إِذْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ ‏,‏ إِذْ كَانَ رَاكِبًا، لَهُ ظَهْرٌ ‏,‏ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْمَشْيِ ‏,‏ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ ‏,‏ إِذْ كَانُوا مُشَاةً يَشْتَدُّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ مَعَ الرَّجَّالَةِ ‏,‏ فَسَمَّاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُصَاةً إِذِ امْتَنَعُوا مِنَ الْفِطْرِ بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنْ يَشْتَدَّ الصَّوْمُ عَلَيْهِمْ ‏,‏ إِذْ لَا ظَهْرَ لَهُمْ ‏,‏ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْمَشْيِ‏.‏

‏(‏98‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْفِطْرِ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ إِذِ الْفِطْرُ أَقْوَى لَهُمْ عَلَى الْحَرْبِ، لَا أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ غَيْرُ جَائِزٍ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي قَزْعَةُ قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ ‏,‏ فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ قُلْتُ‏:‏ لَا أَسْأَلُكُ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ ‏,‏ وَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ ‏,‏ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ‏,‏ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ ‏"‏ ‏,‏ فَكَانَتْ رُخْصَةً ‏,‏ فَمِنَّا مَنْ صَامَ ‏,‏ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ ‏,‏ ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ ‏,‏ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ ‏,‏ فَأَفْطِرُوا ‏"‏ ‏,‏ فَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا ‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ فَهَذَا الْخَبَرُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُمْ عُصَاةً إِذْ عَزَمَ عَلَيْهِمْ فِي الْفِطْرِ لِيَكُونَ أَقْوَى لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ ‏,‏ إِذْ قَدْ دَنَوْا مِنْهُمْ ‏,‏ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى مُحَارَبَتِهِمْ ‏,‏ فَلَمْ يَأْتَمِرُوا لِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ جَابِرٍ فِي عَامِ الْفَتْحِ ‏,‏ وَهَذَا الْخَبَرُ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ ‏,‏ أَيْضًا فَلَمَّا عَزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِالْفِطْرِ لِيَكُونَ الْفِطْرُ أَقْوَى لَهُمْ ‏,‏ فَصَامُوا حَتَّى كَانَ يُغْشَى عَلَى بَعْضِهِمْ ‏,‏ وَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُظَلَّلَ ‏,‏ وَيُنْضَحَ الْمَاءُ عَلَيْهِ ‏,‏ فَيَضْعُفُوا عَنْ مُحَارَبَةِ عَدُوِّهِمْ ‏,‏ جَازَ أَنْ يُسَمِّيَهُمْ عُصَاةً ‏,‏ إِذْ أَمْرَهُمْ بِالتَّقَوِّي لِعَدُوِّهِمْ ‏,‏ فَلَمْ يُطِيعُوا ‏,‏ وَلَمْ يَتَقَوَّوْا لَهُمْ‏.‏

‏(‏99‏)‏ بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغْبَةً عَنْهَا وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى تَارِكُ السُّنَّةِ عَاصِيًا إِذَا تَرَكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا لَا بِتَرْكِهَا، إِذِ التَّرْكُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ، وَفِعْلُهَا فَضِيلَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي‏.‏

‏(‏100‏)‏ بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّوْمِ عَنِ الْمُسَافِرِ ‏"‏ إِذْ هُوَ مُبَاحٌ لَهُ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ عَلَى أَنْ يَصُومَ فِي الْحَضَرِ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، لَا أَنَّ الْفَرْضَ سَاقِطٌ عَنْهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ ‏"‏ قَالَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-‏:‏ ‏[‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 184‏]‏‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ خَبَرُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيِّ خَرَّجْتُهُ بَعْدُ فِي إِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ‏.‏

‏(‏101‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ لَا أَنَّ حَتْمًا عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَكَمِ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنِي ابْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ ‏,‏ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ ‏,‏ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ ‏,‏ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحٌ عَلَيْهِ

قَالَ‏:‏ وَفِي خَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ‏,‏ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ فَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ ‏,‏ فَاقْبَلُوهَا‏.‏

‏(‏102‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ لِقَبُولِ رُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، إِذِ اللَّهُ يُحِبُّ قَابِلَ رُخْصَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ حَرْبِ بْنِ قَيْسٍ، وَزَعَمَ عُمَارَةُ أَنَّهُ رَضًى عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُتْرَكَ مَعْصِيَتُهُ‏.‏

‏(‏103‏)‏ بَابُ ذِكْرِ تَخْيِيرِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، إِذِ الْفِطْرُ رُخْصَةٌ، وَالصَّوْمُ جَائِزٌ ‏"‏ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ لَيْسَ الْبِرُّ، وَ ‏"‏ وَلَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ ‏"‏ عَلَى مَا تَأَوَّلْتُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ، إِذْ مَا لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ، فَمَعْصِيَةٌ، وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ مَعْصِيَةً، لَمَا جَعَلَ لِلْمُسَافِرِ الْخِيَارَ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ الْمُسَافِرَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ- أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ‏:‏ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ ‏,‏ وَكَانَ رَجُلًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ ‏,‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ ‏,‏ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ‏"‏ أَنَّهُمَا سَافَرَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَصُومُ الصَّائِمُ وَيُفْطِرُ الْمُفْطِرُ فَلَا يَعِيبُ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ ‏,‏ وَلَا الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا بَابٌ طَوِيلٌ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏104‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ، وَالْفِطْرِ لِمَنْ ضَعُفَ عَنْهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ أَيْضًا ‏,‏ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ‏,‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهُوَ الْجُرَيْرِيُّ ‏,‏ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ ‏,‏ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ‏,‏ فَلَمْ يَعِبِ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ ‏,‏ وَلَا الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ ‏"‏ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ ‏,‏ وَمَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ هَذَا حَدِيثُ الثَّقَفِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي رَمَضَانَ‏.‏ وَلَمْ يَقُلْ سَالِمُ بْنُ نُوحٍ‏:‏ جَمِيلٌ ‏"‏ وَقَالَ‏:‏ يَرَوْنَ‏.‏ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ‏:‏ كُنَّا نَغْدُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ فِي رَمَضَانَ‏.‏

‏(‏105‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ إِذَا عَجَزَ عَنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ إِذَا صَامَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ ‏,‏ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ ‏,‏ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ‏:‏ ‏"‏ ادْنُوَا فَكُلَا ‏"‏ ‏,‏ فَقَالَا‏:‏ إِنَّا صَائِمَانِ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمُ ‏,‏ ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمُ ‏,‏ ادْنُوَا فَكُلَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ‏:‏ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي ذَكَرْتُ قَبْلُ أَنَّ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ الْفِطْرَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النَّهَارِ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُمَا بِالْأَكْلِ بَعْدَمَا أَعْلَمَاهُ أَنَّهُمَا صَائِمَانِ‏.‏

‏(‏106‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ الْخَادِمَ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّائِمِ الْمَخْدُومِ فِي السَّفَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ‏,‏ فَصَامَ بَعْضٌ وَأَفْطَرَ بَعْضٌ ‏,‏ فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ وَعَمِلُوا ‏,‏ وَضَعُفَ الصُّوَّامُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ ‏,‏ فَقَالَ فِي ذَلِكَ‏:‏ ‏"‏ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ‏,‏ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ‏,‏ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ شَدِيدِ الْحَرِّ ‏,‏ فَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ ‏,‏ وَأَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ يَسْتَظِلُّ بِهَا الصَّائِمُونَ ‏,‏ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ ‏,‏ فَضَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ ‏,‏ وَسَقُوا الرِّكَابَ ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ‏.‏

‏(‏107‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي صَوْمِ بَعْضِ رَمَضَانَ، وَفِطْرِ بَعْضٍ فِي السَّفَرِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ‏.‏

‏(‏108‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ تَوَهَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ نَاسِخٌ لِإِبَاحَةِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ ‏"‏ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ‏,‏ وَزَادَ‏:‏ قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ لَا أَدْرِي هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ أَوْ مِنْ قَوْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَوْ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ‏؟‏‏.‏

‏(‏109‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ‏:‏ ‏"‏ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ ‏"‏ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ ‏,‏ فَصَامَ حَتَّى أَتَى عُسْفَانَ ‏,‏ فَدَعَا بِإِنَاءٍ ‏,‏ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ ‏,‏ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ ‏,‏ ثُمَّ أَفْطَرَ ‏"‏ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ مَنْ شَاءَ صَامَ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ

هَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ

وَقَالَ يُوسُفُ‏:‏ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ ‏,‏ ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ ‏,‏ فَشَرِبَ نَهَارًا لِيَرَاهُ النَّاسُ ‏,‏ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ‏,‏ وَأَفْطَرَ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ صَامَ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى صَوْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فِي الِابْتِدَاءِ ‏,‏ وَإِفْطَارَهُ بَعْدُ ‏,‏ هَذَا مِنَ الْجِنْسِ الْمُبَاحِ أَنَّ كِلَا الْفِعْلَيْنِ جَائِزٌ ‏,‏ لَا أَنَّ إِفْطَارَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ عُسْفَانَ كَانَ نَسْخًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ صَوْمِهِ‏.‏

‏(‏110‏)‏ بَابُ ذِكْرِ دَلِيلٍ ثَانٍ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِطْرِ عَامَ الْفَتْحِ لَمْ يَكُنْ بِنَاسِخٍ لِإِبَاحَتِهِ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ‏.‏

خَبَرُ قَزْعَةَ بْنِ يَحْيَى ‏,‏ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَمْلَيْتُهُ قَبْلُ‏.‏

‏(‏111‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ ‏"‏ لِمَنْ قَدْ صَامَ بَعْضَهُ فِي الْحَضَرِ، خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ إِذَا كَانَ قَدْ صَامَ بَعْضَهُ فِي الْحَضَرِ، تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏[‏فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 185‏]‏ أَنَّ مَنْ شَهِدَ بَعْضَ الشَّهْرِ وَهُوَ حَاضِرٌ غَيْرُ مُسَافِرٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ جَمِيعِ الشَّهْرِ، وَإِنْ سَافَرَ فِي بَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا قَزْعَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَمَضَانَ ‏,‏ فَخَرَجْنَا صُوَّامًا ‏,‏ حَتَّى بَلَغَنَا الْكَدِيدَ أُمِرْنَا بِالْفِطْرِ ‏,‏ فَأَصْبَحْنَا شَرِحِينَ ‏,‏ مِنَّا الصَّائِمُ ‏,‏ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ‏,‏ حَتَّى إِذَا بَلَغَنَا مَرَّ الظَّهْرَانِ ‏,‏ أَعْلَمَنَا بِلِقَاءِ الْعَدُوِّ ‏,‏ أُمِرْنَا بِالْفِطْرِ ‏,‏ فَأَفْطَرْنَا

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي نَضْرَةَ ‏,‏ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

‏(‏112‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ يَوْمًا قَدْ مَضَى بَعْضُهُ وَالْمَرْءُ نَاوٍ لِلصَّوْمِ فِيهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَدْ أَمْلَيْتُ خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَبْلُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ أَنَّ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ‏:‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ ‏,‏ فَشَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ ‏,‏ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ ‏,‏ فَشَرِبَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ‏,‏ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ‏.‏

‏(‏113‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَخْرُجُ الْمَرْءُ فِيهِ مُسَافِرًا مِنْ بَلَدِهِ ‏"‏ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، ضِدَّ مَذْهَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ مُقِيمًا، ثُمَّ سَافَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِبَاحَةِ الْفِطْرِ إِذَا جَاوَزَ الْمَرْءُ بُيُوتَ الْبَلْدَةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا يَرَى بُيُوتَهَا

أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ- هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ- حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ الْحَضْرَمِيَّ حَدَّثَهُ ‏,‏ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ‏,‏ فَدَفَعَ ‏,‏ ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ اقْتَرِبْ ‏,‏ فَقُلْتُ‏:‏ أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ‏؟‏ فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ‏:‏ أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ لَسْتُ أَعْرِفُ كُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ ‏,‏ وَلَا عُبَيْدَ بْنَ جُبَيْرٍ ‏,‏ وَلَا أَقْبَلُ دِينَ مَنْ لَا أَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ‏.‏

‏(‏114‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ فِي مَسِيرَةِ أَقَلِّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ‏"‏ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ، فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ مَنْصُورَ بْنَ زَيْدِ الْكَلْبِيِّ هَذَا بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبٌ قَالَا‏:‏ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ مَنْصُورٍ الْكَلْبِيِّ‏:‏ أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ خَرَجَ مِنْ قَرْيَتِهِ إِلَى قَرْيَةِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ ‏,‏ فَأَفْطَرَ ‏,‏ وَأَفْطَرَ مَعَهُ النَّاسُ ‏,‏ وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا ‏,‏ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ قَالَ‏:‏ وَاللَّهِ ‏,‏ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا ‏,‏ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَرَاهُ ‏,‏ إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ‏,‏ يَقُولُ فِي ذَلِكَ لِلَّذِينَ صَامُوا ‏,‏ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ‏:‏ ‏"‏ اللَّهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ‏:‏ خَرَجَ مِنْ قَرْيَتِهِ بِدِمَشْقَ الْمِزَّةِ ‏,‏ إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ‏,‏ ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ‏.‏ وَالْبَاقِي لَفْظًا وَاحِدًا‏.‏

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى‏:‏ ابْنُ لَهِيعَةَ يَقُولُ فِي هَذَا‏:‏ مَنْصُورُ بْنُ زَيْدٍ الْكَلْبِيُّ‏.‏

‏(‏115‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ فِي الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ، وَالْبَيَانُ أَنَّ فَرْضَ الصَّوْمِ سَاقِطٌ عَنْهُمَا فِي رَمَضَانَ عَلَى أَنْ يَقْضِيَا مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَنَهُمَا، أَوْ إِحْدَيْهِمَا إِلَى الْمُسَافِرِ، فَجَعَلَ حُكْمَهُمَا أَوْ حُكْمَ إِحْدَيْهِمَا حُكْمَ الْمُسَافِرِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ- حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ‏:‏ كَانَ أَبُو قِلَابَةَ حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ لِي‏:‏ هَلْ لَكَ فِي الَّذِي حَدَّثَنِيهِ‏؟‏ فَدَلَّنِي عَلَيْهِ ‏,‏ فَلَقِيتُهُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي قَرِيبٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلٍ كَانَتْ لِي أُخِذَتْ ‏,‏ فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ ‏,‏ فَدَعَانِي إِلَى طَعَامِهِ ‏,‏ فَقُلْتُ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ادْنُ ‏"‏ ‏,‏ أَوْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ ذَاكِ ‏,‏ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ ‏,‏ وَعَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ‏"‏ ‏,‏ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ‏:‏ أَلَا أَكَلْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَعَانِي إِلَيْهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ اسْمَ النِّصْفِ قَدْ يَقَعُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الشَّيْءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِصْفًا عَلَى الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ ‏,‏ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ ‏,‏ وَالشَّطْرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ النِّصْفُ، لَا الْقِبَلُ ‏,‏ وَلَا التِّلْقَاءُ وَالْجِهَةُ ‏,‏ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏[‏فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 144‏]‏ وَلَمْ يَضَعِ اللَّهُ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ فَرِيضَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَا مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ عَنِ الْمُسَافِرِ شَيْئًا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَهُوَ يَتَغَدَّى ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ادْنُهْ ‏"‏ قَالَ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ادْنُهْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصِّيَامِ ‏,‏ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ ‏,‏ وَعَنِ الْحُبْلَى أَوِ الْمُرْضِعِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَيْضًا ‏,‏ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

فَقَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ ‏,‏ وَقَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ ‏"‏ وَالْمُرْضِعِ‏.‏

‏(‏116‏)‏ بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّوْمِ عَنِ النِّسَاءِ أَيَّامَ حَيْضِهِنَّ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدٌ- هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ- عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ، أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ‏,‏ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ‏"‏ فَقُلْنَ لَهُ‏:‏ مَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ‏؟‏ ‏"‏ قُلْنَ‏:‏ بَلَى ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ ذَلِكَ لِنُقْصَانِ عَقْلِهَا ‏,‏ أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا‏"‏‏.‏

هَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى‏.‏

‏(‏117‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ فِي أَيَّامِ طُهْرِهَا وَالرُّخْصَةِ لَهَا فِي تَأْخِيرِ قَضَاءِ الصَّوْمِ الَّذِي أَسْقَطَ الْفَرْضَ عَنْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا إِلَى شَعْبَانَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ ‏,‏ فَمَا أَقْضِيهِ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏ قَدْ كَانَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ ‏,‏ ثُمَّ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصُومَهُ حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ ‏,‏ وَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ يَحْيَى يَقُولُهُ قَالَ‏:‏ وَكَانَ يَسْتَنْظِرُهُ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ رَمَضَانُ آخَرُ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ مَا كُنْتُ أَقْضِي مَا يَبْقَى عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ‏.‏ وَقَالَ‏:‏ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَا قَضَيْتُ شَيْئًا مِمَّا يَكُونُ عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ‏,‏ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ- وَهُمَا جَوْهَرَتَا الْبِلَادِ- يَقُولَانِ‏:‏ فُتِحَتْ مِصْرُ صُلْحًا‏.‏

‏(‏118‏)‏ بَابُ قَضَاءِ وَلِيِّ الْمَيِّتِ صَوْمَ رَمَضَانَ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا مَاتَ وَأَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فَفَرَّطَ فِي قَضَائِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي ‏,‏ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَحَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ظَافِرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ‏.‏

‏(‏119‏)‏ بَابُ قَضَاءِ الصِّيَامِ عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ وَعَلَيْهَا صِيَامٌ ‏,‏ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا قَضَى الْحَيُّ عَنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ سَاقِطًا عَنِ الْمَيِّتِ ‏,‏ كَالدَّيْنِ يُقْضَى عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ إِذِ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ قَضَاءَ الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ‏:‏ قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ فِي الْمَرْأَةِ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ ‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَرَأَيْتِ لَوْ أَنَّ أُمَّكِ مَاتَتْ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ ‏,‏ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ‏؟‏ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ اقْضِي دَيْنَ أُمِّكِ ‏"‏ وَالْمَرْأَةُ مِنْ خَثْعَمَ‏.‏

‏(‏120‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ بِالنَّذْرِ عَنِ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِنَذْرِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ‏,‏ عَنْ شُعْبَةَ ‏,‏ عَنْ سُلَيْمَانَ ‏,‏ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ ‏,‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏

أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ ‏,‏ فَنَذَرَتْ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا ‏,‏ فَمَاتَتْ ‏,‏ فَسَأَلَ أَخُوهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَ عَنْهَا‏.‏

‏(‏121‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ مَنْ قَضَى الصَّوْمَ عَنِ النَّاذِرِ وَالنَّاذِرَةِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ قَرِيبٍ ‏,‏ أَوْ بَعِيدٍ ‏,‏ أَوْ ذَكَرٍ ‏,‏ أَوْ أُنْثَى ‏,‏ أَوْ حُرٍّ ‏,‏ أَوْ عَبْدٍ ‏,‏ أَوْ حُرَّةٍ ‏,‏ أَوْ أَمَةٍ ‏,‏ فَالْقَضَاءُ جَائِزٌ عَنِ الْمَيِّتِ ‏,‏ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ قَضَاءَ صَوْمِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهَا ‏,‏ وَالدَّيْنُ إِذَا قُضِيَ عَنِ الْمَيِّتِ أَوِ الْمَيِّتَةِ كَانَ الْقَاضِي مَنْ كَانَ ‏,‏ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ‏,‏ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ‏,‏ وَالدَّيْنُ سَاقِطٌ عَنِ الْمَيِّتِ ‏,‏ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ؛ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ الصَّوْمَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ ‏,‏ وَأَنَّ قَضَاءَهُ أَحَقُّ مِنْ قَضَاءِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ‏,‏ عَنِ الْحَكَمِ ‏,‏ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ‏,‏ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ ‏,‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏,‏ وَعَطَاءٍ ‏,‏ وَمُجَاهِدٍ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ فَقَالَتْ‏:‏ إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ‏,‏ قَالَ‏:‏ أَرَأَيْتِ إِنْ كَانَ عَلَى أُخْتِكِ دَيْنٌ ‏,‏ أَكُنْتِ قَضَيْتِهِ ‏"‏ ‏,‏ قَالَتْ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ‏:‏ عَنِ الْحَكَمِ ‏,‏ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ إِلَّا هُوَ‏.‏

‏(‏122‏)‏ بَابُ الْإِطْعَامِ عَنِ الْمَيِّتِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ ‏,‏ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لِسُوءِ حِفْظِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ ‏,‏ عَنِ أَشْعَثَ ‏,‏ عَنْ مُحَمَّدٍ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى- عَنْ نَافِعٍ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا عِنْدِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْكُوفَةِ‏.‏

‏(‏123‏)‏ بَابُ قَدْرِ مَكِيلَةِ مَا يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ فِي كَفَّارَةِ الصَّوْمِ إِنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ ‏,‏ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ زِيَادٍ الضَّبِّيُّ الْوَاسِطِيُّ بِالْأَيْلَةِ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ‏,‏ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏,‏ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ عَنْ نَافِعٍ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يَقْضِهِ ‏,‏ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ‏.‏

جُمَّاعُ أَبْوَابِ وَقْتِ الْإِفْطَارِ وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطَرَ عَلَيْهِ

‏(‏124‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ بِلَفْظِ خَبَرٍ مَعْنَاهُ عِنْدِي مَعْنَى الْأَمْرِ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏,‏ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ‏,‏ عَنْ هِشَامٍ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ عَنْ عَاصِمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏,‏ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ الصَّائِمُ

قَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ‏:‏ فَقَدْ أَفْطَرْتُ‏.‏

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا ‏"‏ ‏,‏ وَلَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ وَلَا هَارُونُ‏:‏ لِي‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذِهِ اللَّفْظَةُ‏:‏ ‏"‏ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ‏"‏ لَفْظُ خَبَرٍ ‏,‏ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْأَمْرِ‏:‏ أَيْ‏:‏ فَلْيُفْطِرِ الصَّائِمُ ‏,‏ إِذْ قَدْ حَلَّ لَهُ الْإِفْطَارُ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ مَعْنَى لَفْظِهِ كَانَ جَمِيعُ الصُّوَّامُ فِطْرُهُمْ وَقْتًا وَاحِدًا ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ‏"‏ ‏,‏ وَلِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ ‏"‏ مَعْنًى ‏,‏ وَلَا كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ يَقُولُ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى-‏:‏ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا ‏"‏ مَعْنًى، لَوْ كَانَ اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ كَانَ الصُّوَّامُ جَمِيعًا مُفْطِرُونَ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ فِطْرُ جَمِيعِهِمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَتَقَدَّمُ فِطْرُ أَحَدِهِمْ غَيْرَهُ لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى الْمَاءِ ‏"‏ مَعْنًى ‏,‏ وَلَكِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ فَقَدْ أَفْطَرَ ‏"‏ ‏,‏ أَيْ‏:‏ فَقَدْ حَلَّ لَهُ الْفِطْرُ ‏,‏ وَاللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

‏(‏125‏)‏ بَابُ ذِكْرِ دَوَامِ النَّاسِ عَلَى الْخَيْرِ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَفِيهِ كَالدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَخَّرُوا الْفِطْرَ وَقَعُوا فِي الشَّرِّ‏.‏

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ عَنْ سَهْلٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ‏,‏ عَنْ سُفْيَانَ ‏,‏ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ‏,‏ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ‏,‏ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ‏.‏

‏(‏126‏)‏ بَابُ ذِكْرِ ظُهُورِ الدِّينِ مَا عَجَّلَ النَّاسُ فِطْرَهُمْ ‏,‏ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الدِّينِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ شُعَبِ الْإِسْلَامِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ‏,‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ ‏,‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ‏,‏ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ ‏,‏ إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ‏.‏

‏(‏127‏)‏ بَابُ ذِكْرِ اسْتِحْسَانِ سُنَّةِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يُنْتَظَرْ بِالْفِطْرِ قَبْلَ طُلُوعِ النُّجُومِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ‏,‏ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ ‏"‏ ‏,‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ رَجُلًا فَأَوْفَى عَلَى شَيْءٍ ‏,‏ فَإِذَا قَالَ‏:‏ غَابَتِ الشَّمْسُ ‏,‏ أَفْطَرَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي صَفْوَانَ ‏,‏ وَأَهَابُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الْأَخِيرُ عَنْ غَيْرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ‏,‏ لَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الثَّوْرِيِّ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَازِمٍ فَأُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ‏.‏

‏(‏128‏)‏ بَابُ ذِكْرِ حُبِّ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- الْمُعَجِّلِينَ لِلْإِفْطَارِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ‏:‏ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا ‏,‏ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يُحِبُّ جَمِيعَ عِبَادِهِ ‏,‏ وَخَالَفَنَا فِي بَابِ أَفْعَلَ ‏,‏ فَادَّعَى مَا لَا يُحَسِّنُهُ ‏,‏ فَقَدْ بَيَّنْتُ بَابَ أَفْعَلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا فِي كِتَابِ ‏"‏ مَعَانِي الْقُرْآنِ ‏"‏ وَالْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ مِنَ الْمُسْنَدِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ‏,‏ نَا الْأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوَئِيلَ ‏,‏ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ ‏,‏ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ قَالَ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى-‏:‏ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا‏.‏

‏(‏129‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ‏.‏

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ ‏,‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ ‏,‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏,‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ ‏,‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ‏,‏ عَنْ قَتَادَةَ ‏,‏ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ حَتَّى يُفْطِرَ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ‏.‏ قَالَ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ‏:‏ أَصْلُهُ كُوفِيٌّ- يَعْنِي الْقَاسِمَ بْنَ غُصْنٍ- رَوَى عَنْهُ وَكِيعٌ ‏,‏ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ‏.‏

‏(‏130‏)‏ بَابُ إِعْطَاءِ مُفَطِّرِ الصَّائِمِ مِثْلَ أَجْرِ الصَّائِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ الصَّائِمُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ- ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى كِلَاهُمَا ‏,‏ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ‏,‏ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ‏,‏ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ جَهَّزَ حَاجًّا ‏,‏ أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ‏"‏‏.‏

هَذَا حَدِيثُ الصَّنْعَانِيِّ وَلَمْ يَقُلْ عَلِيٌّ‏:‏ أَوْ جَهَّزَ حَاجًّا‏.‏

‏(‏131‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ عَلَى الرُّطَبِ إِذَا وُجِدَ، وَعَلَى التَّمْرِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ الرُّطَبُ

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ ‏,‏ حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التُّجِيبِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ‏,‏ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ‏,‏ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ صَائِمًا لَمْ يُصَلِّ حَتَّى نَأْتِيَهُ بِرُطَبٍ وَمَاءٍ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ إِذَا كَانَ الرُّطَبُ ‏,‏ وَأَمَّا الشِّتَاءُ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى نَأْتِيَهُ بِتَمْرٍ وَمَاءٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحْرِزٍ ‏,‏ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ ‏,‏ عَنْ زَائِدَةَ ‏,‏ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ بِهَذَا‏.‏

‏(‏132‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ إِذَا أَعْوَزَ الصَّائِمَ الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ ‏,‏ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ‏,‏ عَنْ شُعْبَةَ ‏,‏ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ‏,‏ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏,‏ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ ‏,‏ وَمَنْ لَا فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ ‏,‏ فَإِنَّهُ طُهُورٌ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ ‏,‏ عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا هَذَا‏.‏

‏(‏133‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا أَمْرُ اخْتِيَارٍ وَاسْتِحْبَابٍ طَالَمَا لِلْبَرَكَةِ إِذِ التَّمْرُ بَرَكَةٌ ‏,‏ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ إِذَا أَعْوَزَ التَّمْرُ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ وَاخْتِيَارٍ إِذِ الْمَاءُ طَهُورٌ ‏,‏ لَا أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ أَمْرَ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ‏,‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ كِلَاهُمَا ‏,‏ عَنْ عَاصِمٍ ‏,‏ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ‏,‏ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ ‏,‏ عَنِ الرَّبَابِ ‏,‏ عَنْ عَمِّهَا سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ‏,‏ وَهِيَ عَلَى الْقَرِيبِ صَدَقَتَانِ ‏,‏ صَدَقَةٌ ‏,‏ وَصِلَةٌ

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ ‏,‏ فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَمَاءٌ ‏,‏ فَإِنَّهُ طُهُورٌ

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اذْبَحُوا عَنِ الْغُلَامِ عَقِيقَتَهُ ‏,‏ وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى ‏,‏ وَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا

هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ‏.‏

وَقَالَ الْآخَرَانِ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ ‏,‏ فَإِنَّهُ طُهُورٌ وَلَمْ يَذْكُرَا قِصَّةَ الصَّدَقَةِ وَلَا الْعَقِيقَةِ‏.‏

‏(‏134‏)‏ بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ وَذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِبَاحَةِ الْوِصَالِ إِذِ اللَّهُ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ أَنْ كَانَ اللَّهُ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ بِاللَّيْلِ دُونَهُمْ مَكْرُمَةً لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ‏,‏ عَنِ الْأَعْرَجِ ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ ‏"‏ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ إِنَّكَ وَاصِلُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ ‏,‏ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ- يَعْنِي مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ- عَنْ شُعْبَةَ ‏,‏ عَنْ قَتَادَةَ ‏,‏ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ ‏"‏ ‏,‏ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ إِنَّكَ تُوَاصِلُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى‏.‏

‏(‏135‏)‏ بَابُ تَسْمِيَةِ الْوِصَالِ بِتَعَمُّقٍ فِي الدِّينِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ‏,‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ‏,‏ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ‏,‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ‏,‏ عَنْ حُمَيْدٍ ‏,‏ عَنْ ثَابِتٍ ‏,‏ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ‏,‏ فَوَاصَلَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‏,‏ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لَوْ مُدَّ لَنَا الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالًا ‏,‏ يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ التَّعَمُّقَ ‏,‏ لَسْتُمْ مِثْلِي ‏,‏ إِنِّي أَظَلُّ ‏,‏ فَيُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي‏.‏

‏(‏136‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ إِذْ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَى الْمَرْءِ ‏,‏ خِلَافَ مَا يَتَأَوَّلُهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ مِمَّنْ يُفْطِرُ عَلَى اللُّقْمَةِ أَوِ الْجَرْعَةِ مِنَ الْمَاءِ فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ ‏,‏ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعَمٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ ‏"‏- قَالَهَا ثَلَاثًا- قَالُوا‏:‏ فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَسْتُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلِي ‏,‏ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي ‏,‏ فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ‏.‏

‏(‏137‏)‏ بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ إِذْ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ أَفْضَلَ مِنْ تَأْخِيرِهِ ‏,‏ إِنْ كَانَ الْوِصَالُ إِلَى السَّحَرِ قَدْ أَبَاحَهُ الْمُصْطَفَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ ‏,‏ عَنِ الْأَعْمَشِ ‏,‏ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ ‏,‏ فَفَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ‏,‏ فَنَهَاهُ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏,‏ إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَسْتُمْ مِثْلِي ‏,‏ إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي‏.‏

‏(‏138‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ وَإِنْ كَانَ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ أَفْضَلَ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ‏,‏ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ ‏,‏ أَخْبَرَهُمْ ‏,‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الشَّرْعَبِيُّ ‏,‏ عَنِ ابْنِ الْهَادِ ‏,‏ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ ‏,‏ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مِثْلَهُ يَعْنِي‏:‏ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْوِصَالِ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَيُّكُمْ وَاصَلَ مِنْ سَحَرٍ إِلَى سَحَرٍ‏.‏

‏(‏139‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَنْ أَنْ لَا فَرْضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصِّيَامِ غَيْرَ رَمَضَانَ إِلَّا مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِسْلَامِ ‏,‏ قَالَ‏:‏ وَصِيَامُ رَمَضَانَ ‏,‏ قَالَ‏:‏ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا ‏,‏ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ‏.‏

‏(‏140‏)‏ بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قَوْلِ الْمَرْءِ‏:‏ ‏"‏ صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ- ‏,‏ حَدَّثَنَا الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ ‏,‏ عَنِ الْحَسَنِ ‏,‏ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ‏,‏ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ‏:‏ صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ ‏,‏ أَوْ قُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ ‏"‏ اللَّهُ أَعْلَمُ أَكَرِهَ التَّزْكِيَةَ عَلَى أُمَّتِهِ‏؟‏

أَوْ قَالَ‏:‏ لَا بُدَّ مِنْ رَقْدَةٍ أَوْ مِنْ غَفْلَةٍ‏.‏